43. فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)
توعد بالعذاب الأليم لكل من نسب إلى عيسى ما هو برئ منه.
44. وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)
الله .. المعبود في السماء، والمقصود -في طلب الحوائج- في الأرض، فأهل السماء لا يعبدون إلا الله، وأهل الأرض (حتى الكافرين منهم) لا يقضي حوائجهم إلا الله.
45. وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88)
قال قتادة: «هذا قول نبيكم عليه الصلاة والسلام، يشكو قومه إلى ربه».
والتعبير بقوله: ﴿قَوْمٌ﴾ يشير إلى أن كفرهم كان كفرا جماعيا، لا حالة فردية.
46. فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
امتثل رسول الله ﷺ أمر ربه، وقابل أذى قومه بالعفو والصفح، ورد الإساءة بالإحسان واللسان الجميل، وهذا حال السائرين في طريق النبيين.
47. حم (1):
كانوا يحبون الحواميم! قال ابن مسعود: «إذا وقعتُ في أل ﴿حم﴾ وقعت في روضات أتأنق فيهن».
48. أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5):
قال ابن عاشور:
«وبعض تلك الأمور الحكيمة ينفذ الأمر به إلى الملائكة الموكلين بأنواع الشؤون، وبعضها ينفذ الأمر به على لسان الرسول مدة حياته الدنيوية، وبعضا يلهم إليه من ألهمه الله أفعالا حكيمة، والله هو العالم بتفاصيل ذلك».
49. رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7)
فضل اليقين!
قال رسول الله ﷺ: «صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل». صحيح الجامع رقم: 3845
50. إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15):
كشف العذاب عنهم، فقابلوا هذه النعمة بالعودة إلى الكفر!
51. يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
الانتقام الحقيقي في الآخرة وليس في الدنيا!
قال ابن عباس: «قال ابن مسعود: البطشة الكبرى يوم بدر، وأنا أقول: هي يوم القيامة».
52. وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17)
كل الناس مختبرون، وكل الأمم مرَّت بالفتنة، وهذه هي طبيعة الدنيا والمهمة التي خلق الله لأجلها الحياة.
53. وصفه ربه بالكرم؛ لأنه كان كريما عليه، والفائدة: من أثنى الله عليه، هل يضُرُّه ذم الخلق؟!
54. قال الفراء : «كريمٌ على ربه إذ اختصَّه بالنبوة وإسماع الكلام».
كرامة العبد على ربه هي اصطفاؤه لصالح الأعمال والأحوال لا اختصاصه بالكنوز والأموال.
55. أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)
قال موسى لفرعون: علامَ تحبس هؤلاء القوم، قوم أحرار اتخذتهم عبيدا، فخَلِّ سبيلهم.
والدرس المستفاد: تحرير الأمم ورفع الظلم من أهم وظائف المرسلين.
56. وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)
أقبح العلو ما كان على الله، وأشد الكِبر ما كان عن عبادة الله، وأفظع الكِبر ما كان مع وجود الآية البيِّنة والحجة الساطعة.
57. وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20)
أي جعلتُ ربي عوذا أي مَلْجَأ، فالاستعاذة بالله أقوى حصن يضمن السلامة، ويكفل الأمان.
58. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45)
المهل هو النحاس أو الرصاص المذاب، يشوي وجوههم في الظاهر، قبل أن يحرق أمعاءهم في الباطن.
59. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)
يغلي داخل البطن تماما كما يغلي خارجها، فما ظنك بأثَر غليانه في بطن صاحبه؟!
60. خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47)
يقال للزبانية خذوه وجُرّوه وسوقوه، والعتل هو أن تأخذ بتلابيب الرجل، فتجذبه إليك وتجرَّه إلى حبس أو مصيبة.
61. ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48)
قال مقاتل: «يضرب مالكٌ خازن النار ضربة على رأس أبي جهل بمقمع من حديد، فيتفتت رأسه عن دماغه، فيجري دماغه عل جسده، ثم يصب الملك فيه ماء حميما قد انتهى حرُّه، فيقع في بطنه، فيقول الملك: ذق العذاب».
62. إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)
جاء أن أبا جهل قال للنبي ﷺ: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء، لقد علمتَ أنني أمنع أهل بطحاء، وأنا العزيز الكريم، فقتله الله تعالى يوم بدر، وأذله وعيَّره بكلمته: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾.
63. إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)
قال ابن القيم: «﴿الأمين﴾: الآمن من كل سوء وآفة ومكروه، وهو الذي قد جمع صفات الأمن كلها، فهو آمن من الزوال والخراب، وأنواع النقص، وأهله آمنون فيه من الخروج والنقص والنَّكَد، والبلد الأمين الذي قد أمن أهله فيه مما يخاف منه سواهم».
64. كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)
قال مجاهد: «الحوراء التي يحار فيها الطرف»، فهنيئا لزوجها، ومن دفع ثمنها، وقدَّم مهرَها.
65. كم زوجة للمؤمن في الجنة؟!
في الحديث: «ولكل واحدٍ منهم زوجتان، يُرى مُخُّ سوقها من وراء اللحم من الحُسْن» صحيح الجامع رقم: 2566
66. فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58):
هنا أخبر الله بتيسيره لفهم القرآن، لأن الغرض منه التذكر، وبذا قامت الحجة على من كل من بلَغَه القرآن.
67. تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)
لم يكن فى علمك ولا فى وسعك معرفة هذه الغيبيات، ولا الوقوف على قدرة الله في هذه الكائنات، ولولا أن الله عرَّفك بها ما عرفت.
68. من لا يؤمن بهذه الآيات فبأي حديث يؤمن؟ ومن أي أصل غير القرآن يستمد؟ ومن أي بحر معرفة غير الوحي يغترف؟ هيهات هيهات.
69. وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9):
عاقبة الاستهزاء والسخرية العذاب والإهانة.
كقول أبي جهل عن شجرة الزقوم مستهزئا: زقِّمونا، وقوله لما سمع قوله تعالى: ﴿عليها تسعة عشر﴾: أنا ألقاهم وحدي.
70. مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10)
أمامهم وخلفهم النار، فلا مفَرَّ منها ولا قيمة لأنصار، ومن يتولاك إن خذلك الله، ومن يرفع قدرك إن وضعك الله؟
71. هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)
هذا القرآن هو أصل الهداية، وأعلى درجاتها تجدها في القرآن، والهداية أهم صفاته وسماته، فمن لم يسترشد بالقرآن ضَلَّ واحتار، وتقدم نحو النار!
72. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)
يدخل في هذا التهديد: النضر بن الحارث، الذي كان يشترى أحاديث الأعاجم؛ ليشغل بها الناس عن سماع القرآن، وقيل إن هذه الآيات نزلت فيه.
73. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا
إن أراد الله بك نعمة فلن يمنعها عنك أحد، وإن أراد أن يصرف عنك نعمة، فلن يجلبها لك أحد، فلا تعلِّق قلبك بغير الله، وثق بربِّك، وتوكَّل عليه.
74. وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)
لا تغتروا بولاية الظالمين لبعضهم في الدنيا، فسرعان ما تنقلب في الآخرة لعداوة.
75. وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)
الجثو هو الجلوس على الرُّكَب، فكل أمة تترقب مصيرها، وظهور نتيجة امتحانها، وثمرة سعيها.
76. قال الرازي:
«فإن قيل: الجثو على الركبة إنما يليق بالخائف، والمؤمنون لا خوف عليهم يوم القيامة، قلنا: إن المُـــحِقَّ الآمِن قد يشارك المبطل في مثل هذه الحالة إلى أن يظهر كونه محقا».
77. هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)
قال ابن عباس وغيره: «تكتب الملائكة أعمال العباد، ثم تصعد بها إلى السماء، فيقابلون الملائكة الذين في ديوان الأعمال على ما بأيديهم مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر، مما كتبه الله في القِدَم على العباد قبل أن يخلقهم، فلا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا، ثم قرأ: ﴿إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون﴾».
78. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30)
فوز مبين، وسهلٌ يسير!
في الحديث: «إن الله خلق مائة رحمة، رحمة منها قسمها بين الخلائق، وتسعة وتسعين إلى يوم القيامة» . صحيح الجامع رقم: 1765
79. وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33)
كانت العقوبات تنهمر عليهم في الدنيا كمحق البركات وتبديد الأوقات وعدم التوفيق للطاعات وتعسير الحاجات، لكن ما انتبهوا إلا اليوم لشدة ما هم فيه من الغفلات.
كل من استهزأ بشعائر الدين سيعاين عقوبته بعينه يوم الدين
هذا ما توعد به رب العالمين، فيا وَيْل المستهزئين!
80. وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا
الجزاء من جنس العمل
وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة : " ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى ، يا رب . فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا . فيقول الله تعالى : فاليوم أنساك كما نسيتني " .
81. وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)
82. فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36)
ابن الأنباري -الإمام الحافظ اللغوي ذو الفنون- كان يقول: "الرب على ثلاثة أقسام: يكون الرب بمعنى المالك، ويكون الرب بمعنى السيد المطاع، ويكون الرب بمعنى المصلح".
يتبع