أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس و العشرون

جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس  و العشرون

1. وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)
الله يناديهم بنفسه ليشهدوا!
الشهيد يجوز أن يكون بمعنى المشاهد، أي المبصر، أي ما منا أحدٌ يَرى الذين كنا ندعوهم شركاءك الآن، أو يكون الشهيد بمعنى الشاهد، أي ما منا أحد يشهد أنهم شركاؤك، فيكون هذا اعترافا بكذبهم في ما مضى.

2. لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49):
هذا خُلُقٌ مرتكز في نفس الإنسان والفطرة البشرية، وهو حب الاستزادة من الخير، واليأس عند نزول الشر، اليأس من زواله، واليأس أن يعقبه الخير، لكن يتم تهذيبه بوازع الإيمان.

3. وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي
هذا بجهدي وذكائي وسعيي، فأن الذي خطَّطت، وأنا الذي قدَّمت، وأنا، وأنا، وأنا حتى تُهلِكه (أنا).
4. وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى
من أعظم الاغترار والجرأة على الجبار: أن تزعم أن لك مكانة خاصة عنده، وأنت لست كذلك.
5. وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51):
كلما زادت نعم الله على لعبد زاد نسيانه للشكر وإعراضه عن الذكر، والعكس عند نزل الضر، يكون إقباله على الذكر والاستعانة بالرب، وهنا تكون النعمة بلاء، والحرمان عطاء.





6. سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
السين تفيد الاستقبال، ومَنْ نزل فيهم القرآن قرءوها هكذا، ونحن نقرؤها هكذا، وستظهر كل يوم آيات جديدة تدلُّ الناس على ربهم حتى تقوم الساعة.

7. حم (1) عسق (2)
اشتهر تسميتها عند السلف «حم عسق»، وكذلك ترجمها البخاري في كتاب التفسير والترمذي في «جامعه»، وتُسمَّى «سورة عسق» بدون لفظ حم لقصد الاختصار، ولم يثبت عن النبي ﷺ شيء في تسميتها.
8. كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)
كيف قال تعالى: (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) بلفظ المضارع، والوحى إليه وإلى من قبله ماضي؟
قال الزمخشري: «قصَد بلفظ المضارع كون ذلك عادة وسُنَّة لله تعالى».
9. الله سبحانه هو الذي أوحى بالرسالات جميعها للرسل جميعهم، والرسالة لبنبوية الخاتمة ما هي إلا امتدادٌ لأمر قديم مطَّرد، يقرِّر وحدة الدين، ووحدة المنهج، ووحدة الالهدف والغاية.
10. لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4):
وأنت ليس لك فيهما شيء، وكل ما معك اليوم فهو مُعار، ومادة اختبار، نجاحك في جنة، وسقوطك فيها نار!
11. كلُّ ما في السموات وما في الأرض هو خلق الله ومُلْكُه ومِلْكُه، لذا يتصرف فيه كيف شاء، و (ما) اسمٌ موصول يفيد العموم، أي لتشمل العاقل وغير العاقل.
12. وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4):
هذا الخالق والمالك العظيم لابد أن يكون مُنَزَّهًا، فهو العَلِيُّ أي المتعالي عن الأشباه والأنداد والأمثال والأضداد، وهو العظيم في ذاته، وصفاته، وأفعاله.
13. وَهُوَ الْعَلِيُّ (4):
قال الطبري: «وهو ذو علوٍّ وارتفاع على كل شيء، والأشياء كلها دونه، لأنهم في سلطانه، جارية عليهم قدرته، ماضية فيهم مشيئته».
14. تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ
أي ، تنشق كل سماء فوق التي تليها فَرَقا من عظمة الله، ولولا أن الله أمسكها لتفطَّرَت،
15. وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
من أسباب تسبيح الملائكة؟! قال القرطبي: «قيل: يتعجبون من جرأة المشركين، فيذكر التسبيح في موضع التعجب، وعن علي : أن تسبيحهم تعجب مما يرون من تعرضهم لسخط الله».
16. وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ
ما أرحم الله بنا، نقترف الذنوب ونبارز بها علام الغيوب، فيكلِّف ملائكته بالاستغفار لنا عسانا نتوب!
17. وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ
من أسماء القيامة: يوم الجمع، يجمع الله فيه الأولين والآخرين في صعيد واحد للحساب ثم الجزاء، ويجمع فيه بين المرء وعمله، وبين الجسد وروحه، وبين المرء وشكله في الخير والشر، وكل هذا لا ريب فيه إلا عند المنافقين والمعاندين.
18. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً
لو شاء لجعلهم جميعا على الهدى وأدخلهم الجنة، فهو القادر الذي لا يمتنع عليه شيء، لكنه خلق الدنيا للاختبار؛ مِنّا من يختار الجنة، ومِنّا من يختار النار.
19. وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ (8)
ليست المشيئة إجبارا! قال الآلوسي ما ملخصه: «أي: أنه تعالى يُدخِل في رحمته من يشاء أن يُدخِله فيها، ويدخل في عذابه من يشاء أن يدخله فيه، ولا ريب في أن مشيئته تعالى لكل من الإدخالين، تابعة لاستحقاق كل فريق لعمله».
20. وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (8)
ولم يقل: (ويدخل من يشاء في عذابه)، للإيذان بأن الإدخال في العذاب، بسبب سوء اختيار الداخلين فيه.
21. أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)
هذه مقوِّمات الولي الحق: يحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير، فمن اتخذ وليا من دون الله، فهو أعمى البصيرة، مشكوك في صحة عقله أو قوة إيمانه.
22. يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)
يوسِّع رزقه على من يشاء من خلقه، فيُكثِر ماله، ويُقَتِّر على من يشاء منهم فيضيِّق عليه ويُفْقِره؛ لأنه عليم بمن يُصلِحه بسط الرزق، ومن يفسِده.
23. وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)
الهادي ليس فقط الذي يهدي الطائعين للطاعة، بل هو الذي يهدي كذلك العصاة للتوبة.
24. وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ
لا تغتر بأنك مسلم أو أن الله آتاك القرآن، فقد حدث ذلك مع غيرك، فاختلفوا، فمنهم من اهتدى، ومنهم من غوى.
25. أبغض الاختلاف ما كان بعد علم، لأن العلم في هذه الحالة حُجَّة على صاحبه.
26. اختلافهم لم يكن من أجل الوصول إلى الحق، بل الدافع إليه البغي والحسد والعناد.
27. وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ:
هذه الكلمة بتأخير الحساب والعذاب إلى الآخرة، وعدم تعجيل ذلك في الدنيا.
28. وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)
قال مجاهد: «معنى ﴿من بعدهم﴾: من قبلهم، يعني من قبل مشركي مكة، وهم اليهود والنصارى».

29. فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ
لابد مع الدعوة من استقامة، ومع الأمر بالمعروف من امتثالٍ للأمر، ومع النهي عن المنكر من اجتنابٍ له.
30. ﴿نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب﴾:
«كل الناس يغدو، فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها». صحيح الجامع رقم: 925
يغفر الذنوب العظيمة مهما كثرت، ويشكرك على العمل القليل بالأجر الكثير مهما قلَّ.
31. قال ابن القيم:
«من علِم أن الرب شكور تنوَّع في معاملته، ومن عرف أنه واسع المغفرة تعلق بأذيال مغفرته».
32. وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28):
إذا تولاك، فيا لَسَعْدك وهَناك، فاحمده على ما له من الكمال، وما أوصل إليك من ألوان الإفضال.

33. وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ
دواب في الآرض، لكن هل هناك دوابٌّ في السماء؟! قيل: لعلها الملائكة أو الجن أو خلقا مما لا نعلمه.
34. وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)
قل لمن يستبعد أمر البعث: كما لم يتعذر على الله خلقكم، فلن يتعذَّر عليه جمعكم بعد أن تبلى أجسامكم وتتفرق في القبور أوصالكم.

35. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)
ولم يذكر ماذا يُبيِّن هذا الكتاب، ليدل على أنه مبيِّن لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا والآخرة.

36. َمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21)
كل أمرٍ لا دليل عليه من عقل أو نقل، فهو باطل، كما ظهر هنا في أمر عبادة الملائكة.
37. قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)
هنا أوضَحَ إبراهيم بأظهر دليل وأقصر سبيل أنهم ما أرادوا اتباع الحق والهدى، بل قصدوا اتباع الباطل والهوى.
38. فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)
هذا تهديد بالانتقام من كل من شابههم في أقوالهم وأفعالهم، فليست قصص القرآن للتسالي!
39. وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26):
حكمتان لتخصيص والد إبراهيم بالذكر:
الأولى: أنها أدَلُّ على اجتناب عبادة الأصنام، بحيث لا يُتَسامَح فيها ولو مع أقرب الناس إليه.
الثانية: إبراهيم قدوة في إبطال قول المشركين عن آبائهم: ﴿وإنّا على آثارهم مهتدون﴾، فقد خالف إبراهيم أباه لأنه على باطل، فخالِفوا أيها المشركون آباءكم المبطلين.
40. وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا
41. وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)
وأخذناهم بالعذاب أي بالأشياء التي سلطها عليها كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم.
42. وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62):
عداوته لا تخفى، بدأت بإخراج أبيك من الجنة، ثم توعده بإضلالك، وسحبك معه إلى النار.


يتبع



#2

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس و العشرون

43. فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)
توعد بالعذاب الأليم لكل من نسب إلى عيسى ما هو برئ منه.
44. وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)
الله .. المعبود في السماء، والمقصود -في طلب الحوائج- في الأرض، فأهل السماء لا يعبدون إلا الله، وأهل الأرض (حتى الكافرين منهم) لا يقضي حوائجهم إلا الله.
45. وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88)
قال قتادة: «هذا قول نبيكم عليه الصلاة والسلام، يشكو قومه إلى ربه».
والتعبير بقوله: ﴿قَوْمٌ﴾ يشير إلى أن كفرهم كان كفرا جماعيا، لا حالة فردية.
46. فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
امتثل رسول الله ﷺ أمر ربه، وقابل أذى قومه بالعفو والصفح، ورد الإساءة بالإحسان واللسان الجميل، وهذا حال السائرين في طريق النبيين.


47. حم (1):
كانوا يحبون الحواميم! قال ابن مسعود: «إذا وقعتُ في أل ﴿حم﴾ وقعت في روضات أتأنق فيهن».
48. أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5):
قال ابن عاشور:
«وبعض تلك الأمور الحكيمة ينفذ الأمر به إلى الملائكة الموكلين بأنواع الشؤون، وبعضها ينفذ الأمر به على لسان الرسول مدة حياته الدنيوية، وبعضا يلهم إليه من ألهمه الله أفعالا حكيمة، والله هو العالم بتفاصيل ذلك».
49. رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7)
فضل اليقين!
قال رسول الله ﷺ: «صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل». صحيح الجامع رقم: 3845
50. إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15):
كشف العذاب عنهم، فقابلوا هذه النعمة بالعودة إلى الكفر!
51. يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)
الانتقام الحقيقي في الآخرة وليس في الدنيا!
قال ابن عباس: «قال ابن مسعود: البطشة الكبرى يوم بدر، وأنا أقول: هي يوم القيامة».
52. وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17)
كل الناس مختبرون، وكل الأمم مرَّت بالفتنة، وهذه هي طبيعة الدنيا والمهمة التي خلق الله لأجلها الحياة.
53. وصفه ربه بالكرم؛ لأنه كان كريما عليه، والفائدة: من أثنى الله عليه، هل يضُرُّه ذم الخلق؟!
54. قال الفراء : «كريمٌ على ربه إذ اختصَّه بالنبوة وإسماع الكلام».
كرامة العبد على ربه هي اصطفاؤه لصالح الأعمال والأحوال لا اختصاصه بالكنوز والأموال.
55. أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)
قال موسى لفرعون: علامَ تحبس هؤلاء القوم، قوم أحرار اتخذتهم عبيدا، فخَلِّ سبيلهم.
والدرس المستفاد: تحرير الأمم ورفع الظلم من أهم وظائف المرسلين.

56. وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)
أقبح العلو ما كان على الله، وأشد الكِبر ما كان عن عبادة الله، وأفظع الكِبر ما كان مع وجود الآية البيِّنة والحجة الساطعة.
57. وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20)
أي جعلتُ ربي عوذا أي مَلْجَأ، فالاستعاذة بالله أقوى حصن يضمن السلامة، ويكفل الأمان.
58. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45)
المهل هو النحاس أو الرصاص المذاب، يشوي وجوههم في الظاهر، قبل أن يحرق أمعاءهم في الباطن.
59. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)
يغلي داخل البطن تماما كما يغلي خارجها، فما ظنك بأثَر غليانه في بطن صاحبه؟!
60. خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47)
يقال للزبانية خذوه وجُرّوه وسوقوه، والعتل هو أن تأخذ بتلابيب الرجل، فتجذبه إليك وتجرَّه إلى حبس أو مصيبة.
61. ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48)
قال مقاتل: «يضرب مالكٌ خازن النار ضربة على رأس أبي جهل بمقمع من حديد، فيتفتت رأسه عن دماغه، فيجري دماغه عل جسده، ثم يصب الملك فيه ماء حميما قد انتهى حرُّه، فيقع في بطنه، فيقول الملك: ذق العذاب».
62. إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)
جاء أن أبا جهل قال للنبي ﷺ: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء، لقد علمتَ أنني أمنع أهل بطحاء، وأنا العزيز الكريم، فقتله الله تعالى يوم بدر، وأذله وعيَّره بكلمته: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾.
63. إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)
قال ابن القيم: «﴿الأمين﴾: الآمن من كل سوء وآفة ومكروه، وهو الذي قد جمع صفات الأمن كلها، فهو آمن من الزوال والخراب، وأنواع النقص، وأهله آمنون فيه من الخروج والنقص والنَّكَد، والبلد الأمين الذي قد أمن أهله فيه مما يخاف منه سواهم».
64. كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)
قال مجاهد: «الحوراء التي يحار فيها الطرف»، فهنيئا لزوجها، ومن دفع ثمنها، وقدَّم مهرَها.
65. كم زوجة للمؤمن في الجنة؟!
في الحديث: «ولكل واحدٍ منهم زوجتان، يُرى مُخُّ سوقها من وراء اللحم من الحُسْن» صحيح الجامع رقم: 2566
66. فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58):
هنا أخبر الله بتيسيره لفهم القرآن، لأن الغرض منه التذكر، وبذا قامت الحجة على من كل من بلَغَه القرآن.

67. تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)
لم يكن فى علمك ولا فى وسعك معرفة هذه الغيبيات، ولا الوقوف على قدرة الله في هذه الكائنات، ولولا أن الله عرَّفك بها ما عرفت.
68. من لا يؤمن بهذه الآيات فبأي حديث يؤمن؟ ومن أي أصل غير القرآن يستمد؟ ومن أي بحر معرفة غير الوحي يغترف؟ هيهات هيهات.

69. وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9):
عاقبة الاستهزاء والسخرية العذاب والإهانة.
كقول أبي جهل عن شجرة الزقوم مستهزئا: زقِّمونا، وقوله لما سمع قوله تعالى: ﴿عليها تسعة عشر﴾: أنا ألقاهم وحدي.
70. مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10)
أمامهم وخلفهم النار، فلا مفَرَّ منها ولا قيمة لأنصار، ومن يتولاك إن خذلك الله، ومن يرفع قدرك إن وضعك الله؟
71. هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)
هذا القرآن هو أصل الهداية، وأعلى درجاتها تجدها في القرآن، والهداية أهم صفاته وسماته، فمن لم يسترشد بالقرآن ضَلَّ واحتار، وتقدم نحو النار!
72. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)
يدخل في هذا التهديد: النضر بن الحارث، الذي كان يشترى أحاديث الأعاجم؛ ليشغل بها الناس عن سماع القرآن، وقيل إن هذه الآيات نزلت فيه.

73. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا
إن أراد الله بك نعمة فلن يمنعها عنك أحد، وإن أراد أن يصرف عنك نعمة، فلن يجلبها لك أحد، فلا تعلِّق قلبك بغير الله، وثق بربِّك، وتوكَّل عليه.
74. وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)
لا تغتروا بولاية الظالمين لبعضهم في الدنيا، فسرعان ما تنقلب في الآخرة لعداوة.
75. وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)
الجثو هو الجلوس على الرُّكَب، فكل أمة تترقب مصيرها، وظهور نتيجة امتحانها، وثمرة سعيها.
76. قال الرازي:
«فإن قيل: الجثو على الركبة إنما يليق بالخائف، والمؤمنون لا خوف عليهم يوم القيامة، قلنا: إن المُـــحِقَّ الآمِن قد يشارك المبطل في مثل هذه الحالة إلى أن يظهر كونه محقا».
77. هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)
قال ابن عباس وغيره: «تكتب الملائكة أعمال العباد، ثم تصعد بها إلى السماء، فيقابلون الملائكة الذين في ديوان الأعمال على ما بأيديهم مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر، مما كتبه الله في القِدَم على العباد قبل أن يخلقهم، فلا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا، ثم قرأ: ﴿إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون﴾».
78. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30)
فوز مبين، وسهلٌ يسير!
في الحديث: «إن الله خلق مائة رحمة، رحمة منها قسمها بين الخلائق، وتسعة وتسعين إلى يوم القيامة» . صحيح الجامع رقم: 1765

79. وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33)
كانت العقوبات تنهمر عليهم في الدنيا كمحق البركات وتبديد الأوقات وعدم التوفيق للطاعات وتعسير الحاجات، لكن ما انتبهوا إلا اليوم لشدة ما هم فيه من الغفلات.
كل من استهزأ بشعائر الدين سيعاين عقوبته بعينه يوم الدين
هذا ما توعد به رب العالمين، فيا وَيْل المستهزئين!
80. وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا
الجزاء من جنس العمل
وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة : " ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى ، يا رب . فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا . فيقول الله تعالى : فاليوم أنساك كما نسيتني " .
81. وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)
82. فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36)
ابن الأنباري -الإمام الحافظ اللغوي ذو الفنون- كان يقول: "الرب على ثلاثة أقسام: يكون الرب بمعنى المالك، ويكون الرب بمعنى السيد المطاع، ويكون الرب بمعنى المصلح".



يتبع

#3

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس و العشرون

بارك الله فيك وجزاك الله خير
#4

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس و العشرون

مشكوره حبيبتي تسلم الايادي

إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5
#5

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس و العشرون

عيد فطر مبارك على الجميع

#6

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس و العشرون


83. ﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾ [الزمر: 47]: اتخذ الكفار عدم العلم بوقت الساعة حجة على التكذيب بالساعة، فساق الله لهم ثلاثة نظائر، لا يعلمها إلا الله، وهي تجري أمام أعينهم: أولها: علم ما تخرجه أكمام الزرع من الثمار بكميته وجودته وموعد سقوطه، وثانيها: حمل الأناث من إنسان أو حيوان، ولا يعلم الولود من العقيم منها قبل الزواج إلا الله، وثالثها: وقت وضع الأجنة باليوم والساعة.
84. ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشر فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ﴾ [الزمر: 49]: قال أبو السعود: «أي كثيرٍ، مستعارٌ مما لَه عَرْضٌ متسعٌ للإشعارِ بكثرتِه واستمرارِه وهو أبلغُ من الطويل، إذ الطول أطولُ الامتدادين، فإذا كان عرضُه كذلكَ، فما ظنُّك بطولِه؟».
85. ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ [الشورى: 19]: قال السعدي: «ومن لطفه .. أن قيَّض لعبده كل سبب يعوقه ويحول بينه وبين المعاصي، حتى إنه تعالى إذا علم أن الدنيا والمال والرياسة ونحوها مما يتنافس فيه أهل الدنيا، تقطع عبده عن طاعته، أو تحمله على الغفلة عنه، أو على معصية صرفها عنه، وقدر عليه رزقه، ولهذا قال هنا: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} بحسب اقتضاء حكمته ولطفه».
86. ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ [الشورى: 20]: قال قتادة: «إن الله يعطي على نية الآخرة ما شاء من أمر الدنيا، ولا يعطي على نية الدنيا إلا الدنيا».
87. ﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إَِّلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23]: جاء في سبب نزول هذه الآية أن رسول الله ﷺ كان له في كل بطن من قريش قرابة، فنزلت ﴿ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إَِّلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ أي إلا أن تصِلوا قرابة ما بيني وبينكم.
88. ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى: 27]: قال خباب بن الأرت: «فينا نزلت هذه الآية، وذلك أنا نظرنا إلى أموال بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع، فتمنيناها، فأنزل الله عز وجل هذه الآية».
. ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي اْلأَرْضِ ﴾ [الشورى: 27]: أُنزلت هذه الآية في أصحاب الصُفة: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي اْلأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾ . ذلك بأنهم قالوا لو أن لنا، فتمنوا.
. ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى: 27]: قال شقيق بن إبراهيم: «إِنَّ الله عز وجل لو رزقَ العباد مِنْ غير كسب، لَتَفَرَّغوا فتفاسدوا، ولَكِنْ شَغَلَهُم بِالكسْب حتَّى لا يَتَفَرَّغوا للفساد».
89. ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: 30]: قيل لأبي سليمان الداراني: ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم؟ فقال: لأنهم علموا أن الله تعالى إنما ابتلاهم بذنوبهم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.
. ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: 30]: قال الضحاك: «ما تعلَّم رجل القرآن ثم نسيه إلا بذنب»، ثم قرأ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: 30] »، ثم قال الضحاك: «وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن؟!».
. ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: 30]: دخلوا على عمران بن حصين في مرضه، فقال له رجل: والله إني لأيأس من بعض ما أراك. قال: «لا تفعل، فإن أحبَّه إلي أحبُّه إلى الله. قال الله: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: 30] هذا مما كسبت يداي، ويأتي عفو ربي فيما يبقى».
90. ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴾ [الشورى: 32]: جوارِ جمع جارية وهي السفن، وسُمِّيَتْ جارية لجريانها.
91. ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38]: قيل لرجل من بني عبس: ما أكثر صوابكم! فقال: نحن ألف، وفينا حازم واحد، فكنا نشاوره ونطيعه، فصرنا ألف حازم.
. ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38]: قال علي رضي الله عنه: «نعم المؤازرة المشاورة، وبئس الاستعداد الاستبداد».
. ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38]: قال عمر بن عبد العزيز: «إن المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة، لا يضلُّ معهما رأي، ولا يُفقَد معهما حزم».
. ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38]: قال الحسن البصري: «والله .. ما استشار قوم قطُّ إلا ُهدوا لأفضل ما بحضرتهم، ثم تلا: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38].
92. ﴿فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 40]: قال ابن جزي: «هذا يدل على أن العفو عن الظلمة أفضل من الانتصار، لأنه ضمن الأجر في العفو، وذكر الانتصار بلفظ الإباحة في قوله: ﴿ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل﴾».
. ﴿فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 40]: يستحيل علينا بعقولنا القاصرة ومداركنا الضعيفة أن نتخيل عظمة هذا الأجر!! فمن يقدر الله قدره؟!
93. ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ﴾ [الشورى: 42]: كتب عمر إلى عامل له: «فلتجفَّ يدك من دماء المسلمين، وبطنك من أموالهم، ولسانك عن أعراضهم! فإن فعلتَ فليس عليك سبيل، ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ﴾».
94. ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: 43]: يُحكى أن رجلا سَّب رجلا في مجلس الحسن البصري، فكان المسبوب يكظم، ويعرق فيمسح العرق، ثم قام فتلا هذه الآية، فقال الحسن: «عقلها والله وفهمها إذ ضيَّعها الجاهلون».
. ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: 43]: متى يكون ترك العفو مطلوبا؟! قال القرطبي: «وبالجملة العفو مندوب إليه، ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا إليه، وذلك إذا احتيج إلى كفِّ زيادة البغي وقطع مادة الأذى، وعن النبي ﷺ ما يدل عليه، وهو أن زينب أسْمَعتَ عائشة رضي الله عنهما بحضرته، فكان ينهاها فلا تنتهي، فقال لعائشة: (دونك فانتصري)».
95. ﴿إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الشورى: 45]: قال القرطبي: «خسروا أنفسهم لأنهم في العذاب المخلد، وخسروا أهليهم لأن الأهل إن كانوا في النار فلا انتفاع بهم، وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينه وبينهم».
96. ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: 49]: قدَّم الإناث اعتناء بهن وتأنيسا لمن وُهبَهُنَّ. قال واثلة بن الأسقع: «من يُمنِ المرأة تبكيرها بأنثى قبل الذكر، لأن الله بدأ بالإناث».
96. ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف: 3]: مسؤولية العرب مضاعفة، لأن القرآن نزل بلغتهم، فسيحاسبون مرتين!
. ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف: 3]: كلما زاد فهمك وتذوقك للغة العربية، زاد تدبرك وتعقلك لما جاء في القرآن.
97. ﴿وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: 13]: أي راجعون، وفيه أن على كل راكب أن يتذكر بِسَفره السَّفرة العظمى التي هي الانقلاب إلى الله تعالى للمساءلة والمحاسبة.
98. ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18]: ظاهر الآية يدل على أن النشوء في الزينة والنعومة مما يُعاب ويُذَمُّ، وأنه من صفات النساء، فعلى الرجل أن يجتنب ذلك، ويربأ بنفسه عنه.
99. ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18]: قال عمر رضي الله عنه: «اخشوشنوا في اللباس، واخشوشنوا في الطعام، وتمعْدَدوا»، أي اصبروا على عيش معد بن معدان في الحضر والسفر، وتشبهوا بلباسه، ولا تتشبهوا بزي الأعاجم.


#7

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس و العشرون


100. ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18]: فيه دلالة على أن التحلي بالذهب مباح للنساء، وحرام على الرجال؛ لأنه تعالى جعل ذلك عنوانا للضعف والنقصان، وإنما زينة الرجال الصبر على طاعة الله، والتزين بزينة التقوى.
101. ﴿وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ﴾ [الزخرف: 20]: الاعتذار بالقدَر لتبرير الضلالة مسلك قديم من مسالك المنحرفين.
102. ﴿قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 23]: التحرر من العقل الجَمْعي وساسة القطيع ضرورةٌ اليوم إن أردت النجاة من العذاب غدا، لأن الكثرة منحرفة، والمؤمنون قلة.
103. ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: 31]: داء الحسد قديم، وكثيرا ما صدَّ أناسا عن الهداية رغم معرفتهم بالحق.
قال عثمان بن عفان (: «يكفيك من الحاسد أن يغتمّ وقتَ سُرورك».
إن محمدا فقير ليس معه شيء، فكيف يصير نبيا ورسولا!! المقاييس المادية حين تكون سببا في الضلالة وحرمان الهداية.
104. ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ ﴾ [الزخرف: 32]: قال ابن كثير: «ليس الأمر مردودا إليهم، بل إلى الله عز وجل، والله أعلم حيث يجعل رسالاته، فإنه لا ينزلها إلا على أزكى الخلق قلبا ونفسا، وأشرفهم بيتا، وأطهرهم أصلا».
105. ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ﴾ [الزخرف: 32]: الرحمة هنا هي النبوة، ﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف:32]، والرحمة هنا هي الجنة.
106. ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الزخرف: 32]: قال حاتم الأصم: «نظرت إلى قوله تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، فتركت الحسد، واجتنبت الخلق، وعلمت أن القسمة من عند الله تعالى، فتركتُ عداوة الخلق عني».
107. ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36]: من عرض الله عليه خير المواهب، وأعظم العطايا، فأعرض عنها، عاقبه الله أشد عقوبة، وقيَّض له شيطانا يؤزه إلى المعاصي أزا، ويصرفه عن الطاعات.
. ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36]: القرآن عزيز، لذا سخَّر الله شيطانا لكل من أعرض عن كتابه، تلاوة أو عملا.
108. ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 37]: أشد أنواع الضلال أن تتمسَّك بالباطل وتدعو إليه، وتصدَّ غيرك عن الحق وتحذِّرهم منه، ثم تحسب نفسك من المهتدين!
. ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 37]: سين: هل لهؤلاء عذر؟!
جيم: لا، لا عذر لهم ولا لأمثالهم، لأنهم بدؤوا العدوان بإعراضهم عن ذكر الله، وزهدوا في الهداية مع القدرة عليها، ورغبوا في الباطل، فالذنب ذنبهم، والجرم جرمهم.
109. ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [الزخرف: 39]: هذا قول يُلقى على أسماع أهل النار يوم القيامة، قال السعدي: «ولن ينفعكم أيضا روح التسلي في المصيبة، فإن المصيبة إذا وقعت في الدنيا، واشترك فيها المعاقبون، هان عليهم بعض الهون، وتسلَّى بعضهم ببعض، وأما مصيبة الآخرة، فإنها جمعت كل عقاب، ما فيه أدنى راحة، حتى ولا هذه الراحة».
. ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [الزخرف: 39]: قالت الخنساء لما جاءها خبر قتل أخيها:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلتُ نفسي
فلولا هذا التأسي لقتلت نفسها، لكن الله نفى عن أهل النار الانتفاع بمثل هذا التأسي.
110. ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزخرف: 40]: استفهام بمعنى النفي، فليس يمكنك هداية من سددنا بصيرته، ومن صببنا في مسامع فهمه رصاص الشقاء والحرمان، وفيه تسلية لقلب النبي ﷺ الحزين على إعراض قومه.
111. ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ﴾ [الزخرف: 41]: يعنى: يا محمد .. إن انقضى أجلك ولم تشهد ما توعّدناهم به، فلا تشكَّ في صدق كلامنا، فإنّ ما أخبرناك عنه- لا محالة- كائن.
112. ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ [الزخرف: 55]: قال عمر بن ذر: «يا أهل المعاصي .. لا تغتروا بطول حلم الله عنكم، واحذروا أسفه، فإنه تعالى ذكره قال: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾».
113. ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ﴾ [الزخرف: 54]: لم أطاعوه؟!
قال القشيري: «أطاعوه طاعة الرهبة، وطاعة الرهبة لا تكون مخلصة، وإنما تكون الطاعة صادقة إذا صدرت عن الرغبة».
. ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ﴾ [الزخرف: 54]: لولا أنهم فاسقون ما استطاع الطاغية أن يستخفَّهم، فإن المؤمن لا يُستَخفُّ.
114. ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف: 43]: على قدر تمسكك بالوحي من كتاب وسنة تكون استقامتك على الصراط المستقيم في الدنيا، وعلى الصرط فوق النار يوم القيامة.
115. ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ﴾ [الزخرف: 57]:ليست بالضم من الصدود؛ بل بكسرالصاد. قال ابن عباس: أي يضحكون ، وهي الوحيدة في القرآن بالكسر.
116. ﴿الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: 67]: كل الصداقات ستنقلب غدا عداوات، إلا أخوة زيَّنتْها التقوى!
117. ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ﴾ [الزخرف: 70]: أي تُسَرّون وتُكرَمون، فما العمل الذي جمعك بزوجتك اليوم، وترجو أن يجمعكما الله به في الجنة؟!
118. ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ﴾ [الزخرف: 70]: ذهب الجنة ليس هو المعدن الأصفر الذي نعرفه اليوم، بل شيء مختلف، ففي الحديث: «ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء». صحيح الجامع رقم: 5410
119. ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُن ﴾ [الزخرف: 71]: ماذا تبقى من النعيم لم تذكره هذه الآية؟! أطلِق لها خيالك!
120. ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الزخرف: 72]: ليس الإيمان بالتمني، ولا يصح شراء الجنة دون دفع الثمن، فليست الجنة بالمجان.

#8

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الخامس و العشرون


121. ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: 77]: قال ابن عباس في تفسيرها: فأجابهم بعد ألف سنةٍ: ﴿إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾.
122 ﴿فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]: والأمر الحكيم هو أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم في ذلك العام. قال الإمام الرازي: «واعلم أن تقدير الله لا يحدث في تلك الليلة، فإنه تعالى قدَّر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض في الأزل، بل المراد إظهار تلك الليلة المقادير للملائكة في تلك الليلة بأن يكتبها في اللوح المحفوظ، وهذا القول اختيار عامة العلماء».
. ﴿فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]: قال سعيد بن جبير: «يؤذَن للحُجّاج في ليلة القدر، فيُكتَبون بأسمائهم، وأسماء آبائهم، فلا يغادر منهم أحد، ولا يُزاد منهم، ولا يُنقَص منهم» .
123. ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ [الدخان: 4]: قال السعدي: «أي رسول من رب العالمين أمين على ما أرسلني به، لا أكتمكم منه شيئا، ولا أزيد فيه، ولا أنقص، وهذا يوجب تمام الانقياد له».
124. ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ [الدخان: 10]: روى البخاري عن ابن مسعود قال: إن قريشا لما أبطأت عن الإسلام، واستعصت على رسول الله ﷺ دعا عليهم بسنين كسنى يوسف، فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان، فقيل: يا رسول الله، استسق الله لمضر فإنها قد هلكت، فاستسقى لهم فسُقوا، وعلى هذا الرأى يكون الدخان قد وقع فعلا، ثم كشفه الله عنهم ببركة دعاء النبي ﷺ.
125. ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ [الدخان: 10]: ورآى آخرون أنه من أشراط الساعة، ولم يجئ بعد، وأن الدخان يمكث في الأرض أربعين يوما يملأ ما بين السماء والأرض، فأما المؤمن فيصيبه مثل الزكام، وأما الكافر والفاجر فيدخل في أنوفهم فيثقب مسامعهم، ويضيق أنفاسهم، وهو من آثار جهنم يوم القيامة، والأصح: الرأي الأول.
126. ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾ [الدخان: 29]: قال مجاهد: إن السماء والأرض يبكيان على المؤمن أربعين صباحا. قال أبو يحيى: فعجبت من قوله فقال: «أتعجب! وما للأرض لا تبكي على عبد يعمرها بالركوع والسجود! وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره فيها دوِيٌّ كدوي النحل».
127. ﴿ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الدخان: 40]: يومٌ يجتمع فيه كل ﻈﺎﻟﻢ مع ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻭﺍﻟﻤﻘﺘﻮﻝ، فيقتص الله لهذا من هذا.
128. ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ ﴾ [الدخان: 43]: الموضع الوحيد في القرآن الذي كُتِبتْ فيه (شجرة) بالتاء المبسوطة والأصل أن تكتب مربوطة.
. ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ ﴾ [الدخان: 43]: قاعدة في بسط التاء وقبضها! التاء المقبوضة تدل على أن الشيء مجهول كله أو بعضه، والتاء المبسوطة يدل بسطها على أن الشيء معلوم وبين واضح غير مجهول، ولما كانت شجرة الزقوم مجهولة في الدنيا، فكُتِبتْ التاء مقبوضة، ولما أكلوا منها في النار، وأصبحت معروفة لديهم، بُسِطتْ تاؤها في الرسم، وهذا من أسرار الرسم العثماني وملامح إعجازه.
129. ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: 49]: يقال على سبيل التوبيخ والتهكم، أي كنت العزيز الكريم عند نفسك، وقد رُوِي أن أبا جهل قال: «ما بين جبليها أعز مني ولا أكرم»، فنزلت هذه الآية.
130. ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: 49]: كم من سيدٍ مطاع في الدنيا، ذليل مهانٍ في الآخرة، ففي صحيح البخاري: «إنه ليأتي الرَّجل العظيمُ السَّمين يوم القيامة؛ لا يزنُ عندَ الله جناح بعوضة».
131. ﴿يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الدخان: 53]: كيف يجلس أهل الجنة؟ قال ابن كثير: «متقابلين أي على السُّرُر، لا يجلس أحد منهم وظهره إلى غيره».
. ﴿يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الدخان: 53]: نعيم الجنة في كل شيء حتى في نظرة العين!
132. ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ﴾ [الدخان: 55]: آمنين من انقطاع هذا النعيم، أو آمنين من أن ينالهم من أكلها أذى أو ملل أو مكروه.
133. ﴿لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ﴾ [الدخان: 56]: في الحديث: «يؤتى بالموت كأنه كبش أملح حتى يوقَف على السور بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة! فيشرئبون ويقال: يا أهل النار! فيشرئبون فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم .. هذا الموت، فيضجع ويُذبَح، فلولا أن الله قضى لأهل الجنة الحياة والبقاء لماتوا فرحا، ولولا أن الله قضى لأهل النار الحياة فيها لماتوا ترحا». صحيح الجامع رقم: 7998
134. ﴿فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ﴾ [الدخان: 57]: الجنة محض فضلٍ من الله، ولذا هتف الشافعي عند الموت:
فلولاك لم ينجُ من إبليس عابدٌ ... وكيف وقد أغوى صفِيّك آدما!
135. ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [الدخان: 57]: قال ابن السماك:
. سمعتُ امرأة تسكن البادية تقول: «لو تطالعت قلوب المؤمنين بفكرها إلى ما ادُّخِر لها في حُجُب الغيوب من خير الأجر، لم يصْفُ لهم في الدنيا عيشٌ، ولم تقَرَّ لهم في الدنيا عين!». 76. ﴿فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ﴾ [الدخان: 59]: قال ابن جزي: «أي ارتقب نصرَنا لك وإهلاكَهم، فإنهم مرتقبون ضدَّ ذلك، ففيه وعدٌ له، ووعيد لهم».
136. ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ﴾ [الجاثية: 18]: سُمِّيت سورة الجاثية بسورة الشريعة لأنه قال الله عز وجل قال فيها: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ﴾.
137. ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: 18]: لا يُعرِض أحد عن التحاكم إلى شريعة الله إلا لهوى في قلبه.
138. ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية: 21]: قال إبراهيم بن الأشعث: كثيرا ما رأيت الفضيل بن عياض يردد من أول الليل إلى آخره هذه الآية ونظيرها، ثم يقول: ليت شعري! من أي الفريقين أنت؟ وكانت هذه الآية تسمى مبكاة العابدين.
139. ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية: 23]: قال سهل بن عبد الله التستري: «هواك داؤك، فإن خالفتَه فدواؤك».
140. ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجاثية: 25]:
. قال البِقاعيُّ: «لم يجبهم إلى إحياء آبائهم إكراما لهذه الأمة لشرف نبيها عليه أفضل الصلاة والسلام؛ لأن سنته الإلهية جرت بأن من لم يؤمن بعد كشف الأمر بإيجاد الآيات المقترحات، أهلكه كما فعل بالأمم الماضية».
141. ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ [الجاثية: 32]: قال السعدي: «وهذا مما يعين على الصبر، فإن العبد إذا علم أنَّ عمله غير ضائع، بل سيجده كاملا هان عليه ما يلقاه من المكاره، ويسَّر عليه كل عسير، واستقلَّ من عمله كل كثير».



قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الرابع و العشرون امانى يسرى القرآن الكريم
أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ حياه الروح 5 شخصيات وأحداث تاريخية
جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء العشرون امانى يسرى القرآن الكريم
خــالـــد بن الولـــيـــد الـمـتـألـقـة شخصيات وأحداث تاريخية
[قصص مرعبة] روايه صائد الإنس كامله , قصص وروايه رعب عن الجن حياه الروح 5 قصص - حكايات - روايات


الساعة الآن 06:42 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل